الثلاثاء، 20 أكتوبر 2015

كساء أهل النار ونتيجة التعري




كساء أهل النار ونتيجة التعري 
إعداد : مها الراشد

لباس أهل النار 
كما في النار طعام وشراب وفراش ففيها أيضاً اللباس
وليس اللباس لوقايتهم من الحر وإنما هو زيادة في العذاب وتنوع في النكال.
 قال تعالى: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ } الحج :19
فهي ثياب من نار
وقوله(قُطعت):أي قُدرت لهم على قدر جثثهم
لأن الثياب تُقطع على قدر بدن من يلبسها.
 كان إبراهيم التيمي إذا تلا هذه الآية يقول:
سبحان من خلق من النار ثياباً [التخويف من النار]
فهي لباس مقطعة تزيد لابسها عذاباً ونكالاً وألماً.
 قال تعالى:{وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ* سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ} إبراهيم: 49-50
وقد وصف الله تعالى سرابيل أهل النار
قال ابن عباس - في قوله تعالى (قطران)-: هو النحاس المذاب.
وقال الحسن:  قطران الإبل, يعنى:ما يُطلى به الجمل الأجرب
 فيكون المعنى- على ذلك - أنَّ قمصانهم من قطران تُطلى به جلودهم حتى يعود هذا الطلاء كالسرابيل

 وخصَّ القطران لسرعة اشتعال النار فيه مع نتن رائحته ووحشة لونه

وفي صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
النائحة إذا لم تتب قبل موتها تـُقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ٍودرعٌ من جرب

وفي صحيح مسلم عن سمرة بن جندب عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال:" منهم من تأخذه النار إلى ركبتيه
ومنهم من تأخذه النار إلى حجزته
ومنهم من تأخذه النار إلى عنقه
ومنهم من تأخذه النار إلى ترقوته".

وفي مسند أحمد عن حبيب بن المغفل-رضي الله عنه-أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال:
"مَن وطيء على إزاره خيلاء وطيء في نار جهنم"

وهذا الحديث يبين معنى ما رواه البخاري عن أبي هريرة أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال:
"ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار"

فــ الالباس أخيتي

لباس التقوى يقيك من حر يوم القيامة وينافح عنك لهيب جهنم
فإنه أسلم لك وأجدى وأنفع من لباس الإجرام والفسوق والمعاصي إذ هو مذلة الدنيا حسرة يوم القيامة
 فانظر كيف ألبسهم الله يوم القيامة ثياباً مقطعة حامية لما لبسوا في الدنيا لباس الكبائر والفواحش والفجور
 قال تعالى:{ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا َلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } الأعراف:26
وممن يلبسون تلك الثياب النائحات.
 قال صلى الله عليه وسلم :
" النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب " [مسلم] .

وأهل النار يعذبون ظاهراً وباطناً فهم مع عذابهم الجسدي يتعذبون بالحسرة والندامة على كفرهم وأعمالهم.
قال تعالى:{ وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} يونس:54

وتزداد ندامتهم إذ يتبرأ منهم الشيطان الذي أغواهم.
 قال تعالى:{ فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} إبراهيم:22.

بل يصرخون بندامتهم واعترافهم بذنبهم وقلة عقلهم
 قال تعالى:{ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ} الملك:11

ويتمنون لو أن كانوا تراباً من شدة ندمهم.
قال تعالى:{ يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاب} النبأ:40

وتارة يلوم بعضهم بعضاً.
قال تعالى:{ هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّار* قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ*قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ} صّ:59-61

ويزدادون حسرة إذ يلومهم المؤمنون ويوبخونهم
قال تعالى:{ وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ*الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ} لأعراف:50-51

وتكتمل حسرتهم إذ يوبخهم الملائكة.
 قال تعالى:{ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ *لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} الزخرف:77-78 

********************
أبواب جهنم
عافنا الله وَإِيَّاكَ وَجَمِيع المسلمين واعْلَمْ أن لجهنم  لها سبعة أبواب
 كما أخبر جَلَّ وَعَلا، قال عز من قائل
( وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ ) الحجر : 43-44
وخرج الإمام أَحَمَد والترمذي من حديث ابن عمرعن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ( إن لجهنم سبعة أبواب باب منها لمن سل سيفه على أمتي )
وفي حديث أبي رزين العقيلي عن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعمر (إن للنار سبعة أبواب ما منهن بابان إِلا ويسر الراكب بينهما سبعين عامًا ( خرجه عَبْد اللهِ بن الإمام أَحَمَد وابن أبي عاصم والطبراني والحاكم وغيرهم.
********************

بعض أنواع عذاب أهل النَّار

يتعرض أهل النَّار لأنواع أليمة من العذاب الإلهيّ
 وسنتحدث عن بعض ما جاءت به آيات الكتاب العزيز عن هذه الأنواع من العذاب:

أ. العذاب الجسديّ
1-  إنضاج الجلود
إنَّ نار الجبَّار سبحانه وتعالى تحرق جلود أهل النَّار
 والجلد موضع الإحساس بألم الإحتراق
 ولذلك فإنَّ الله يبدِّل لهم جلودا أخرى غيرها
قال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا( النساء:56

2-  الصهر
من ألوان العذاب صبُّ الحميم فوق رؤوسهم
 والحميم هو ذلك الماء الذي لا يُتصوَّر مقدار حرارته فلشدة حرارته تذوب أمعاؤهم وما حوته بطونهم
 قال تعالى ( فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ ) الحج:19-20

3- اللفح
إنَّ النَّار تلفح وجوههم وتغشاها أبداً لا يجدون حائلاً يحول بينهم وبينها
قال تعالى ( لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَن ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ) الأنبياء:39
 وقال تعالى ( تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ) المؤمنون:104

4- السحب
ومن أنواع العذاب الأليم سحبُ الكفار على وجوههم في النَّار
 يقول تعالى واصفاً هذه الحالة:
( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) القمر:47-48

من ألوان العذاب الروحيِّ

يتعرض أهل النَّار لعذاب من نوع آخر غير العذاب الجسديّ
 وهو العذاب الروحيّ وقد ذكر القرآن الكريم بعض الأمثال لهذا العذاب منها:

ب : العذاب الروحيّ
1-  المهانة
قال تعالى( وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) الحج:57
 تـدل هذه الآيات وغيرها أنَّ عذاب الجحيم مـقـرون بأنواع الإهانة والتحقير والاستهانة والغم والحزن الذي يعاني منه أصحاب جهنَّم وهو ما يعكس آلمهم النفسية
 قال تعالى ( كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) الحج:22
 فيقوم خزنتها بإرجاعهم إليها ليذوقوا العذاب

2-  كثرة اللوم والتقريع
وتقول الآية المباركة:
( رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ) المؤمنون:107
 فيقال لهم من قبل اللّه تعالى:
( قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ) المؤمنون:108

وقـد صـرح أصحاب اللغة والمفسِّرون بأنَّ كلمة (إخسأ) تعبير يستخدم لطرد الكلب
 وأنَّ استخدامه هنا فيه دلالة على احتقار هؤلاء الظلمة والمستكبرين

3- الحسرة
قال تعالى ( وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) سبأ:33

وقال عزَّ من قائل ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا ) الفرقان:27-29


********************

الفرق بين اللباس والثياب والسرابيل

الآيات التي ورد فيها ذكر اللباس
وردت كلمة اللباس بمعنى ما يلبس في عده مواضع

1- ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ) البقرة :187
 
2- ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ) الأعراف :26
  
3- ( يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوِليَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ) الأعراف :27
 
4- ( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ) النحل :112

5- ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ) الحج :19-20-21-22-23

6- (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا ) الفرقان :47

7- (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ) فاطر :33  

8- ( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا ) النبأ:10

 9- ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ) الأعراف : 26 

********************
 
ووردت كلمة الثياب  ثماني مرات

1- ( أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) هود :5

2- ( أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَب ٍوَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ) الكهف :31
 
 3- ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ ) الحج :19
 
4- ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) النور : 58
 
5- ( وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) النور :60
  
6- (وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا )  نوح : 7

7- (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) المدثر : 4
 

أما السرابيل فوردت مرتين

1 – ( سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ النَّارُ) إبراهيم : 50
سرابيلهم )  قمصهم )
(من قطران)  لأنه أبلغ لاشتعال النار
( وتغشى)  تعلو (وجوههم النار )

 2- ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيل َتَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ) النحل : 81

)والله جعل لكم مما خلق(  من البيوت والشجر والغمام
( ظلالاً)  جمع ظل تقيكم حر الشمس
(وجعل لكم من الجبال أكنانا)  جمع كن وهو ما يستكن فيه كالغار والسرب
 ( وجعل لكم سرابيل)  قمصا
 ( تقيكم الحر)  أي والبرد
( وسرابيل تقيكم بأسكم) حربكم أي الطعن والضرب فيها كالدروع والجواشن
 ( كذلك)  كما خلق هذه الأشياء
 ( يُتم نعمته)  في الدنيا
 (عليكم)  بخلق ما تحتاجون إليه


 ( لعلكم)  يا أهل مكة ( تسلمون)  توحدونه

********************

إذا تأملنا الآيات يتضح لنا الفرق بين اللباس والثياب

فاللباس 
هو الذي يخالط ويداخل الإنسان ويستر عورته ففي المخالطة والملابسة والمداخلة والاستعمال للستر فهو أمر لا بد منه ومن المادة يلبسون الحق بالباطل لأنهم يخلطون الحق بالباطل خلطا قويا ستر الحقيقة

قال ابن فارس
"المادة تدل على مخالطة ومداخلة ومن ذلك لبس الثوب "

  قال المعجم الوسيط
 اللباس ما تستر الجسم 

قال أبو زهرة
 اللباس ما يستر البدن للرجل والمرأة

والآيات واضحة في هذا المعنى
 ( لباسا يواري سوءاتكم )
 فهذا تعريف للباس ولاحظ كيف قوبل بالذي يكون للزينة الذي عبر عنه بالريش 
 لباسا يواري سوءاتكم وريشا ) )
(يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا )

فواضح من ليريهما سوآتهما أنه لستر العورة

 لباس التقوى ) فعلم أن ساتر العورات حسي ومعنوي )
فالحسي لباس الثياب
 والمعنوي التحلي بما يبعث على المناب
فالتقوى يجب أن تكون ملابسة للإنسان لا تفارقه كاللباس ولا تسد مكانها كلمة الثياب
 
 ومنه 
(لباس الجوع والخوف  )
 استعير لقوة الملازمة التي لا تفارقهم ولو قال (ثياب) الجوع
 والخوف لما أفاد أن الجوع يلابسهم ملابسة لا يفارقهم

 وكذلك 
 ( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن )  فوجه الشبه شِدة المخالطة وكَثرةِ الملابَسة بهن
 وجُعل كلٌّ من الرجل والمرأة لِباساً للآخرَ لاعتناقهما واشتمال كلَ منهما على الآخر بالليل وهذا المعنى لا يسد مكانه كلمة الثياب

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
وأما الثياب
فأحسن من تكلم فيه ابن فارس  
"قال (ثوب) الثاء والواو والباء قياسٌ صحيحٌ من أصلٍ واحد،
وهو العَوْدُ والرُّجوع ، يقال ثاب يثُوب إذا رَجَع.
والمَثَابةُ: المكان يَثُوب إليه النّاس

قال الله تعالى 
البقرة :125 وَإذْ جَعَلْنَا البَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً ))

والثوب الملبوس محتملٌ أن يكون من هذا القياس؛ لأنّه يُلْبَس ثم يُلبَس
ويثاب إليه 

 فهو يثاب إليه مرة بعد أخرى يثاب إليها في اليوم والليلة
فالثوب سمي بذلك لأنه يثاب إليه ويرجع إليه في اليوم والليلة فيلبس ثم يخلع ثم يلبس فهو يثاب إليها في اليوم والليلة

 وهكذا ومنه يتضح أنه ليس المراد بالثياب هو ساتر العورة لأن ساتر العورة ليس هذ ا شأنه

 وأيضا إذا تأملنا الآيات التي فيها (الثياب) نجدها استعملت فيما زاد عن ستر العورة فهي
 1 - إما أن تستعمل للتجمل أمام الناس 
 2- أو تستعمل لما يغطي البدن ويحيط به فوق اللباس 

ويؤيد هذا الاشتقاق من الثوب فهو
 كما قال ابن فارس
يلبس مرة بعد أخرى وهذا يناسب ما هو زائد على الأصلي
 
ويؤده  قوله تعالى
(وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) النور :60
 
قال البقاعي
يضعن ثيابهن الظاهرة فوق اللباس الساتر وهو ما يغطي من الملحفة

قال الصابوني في روائع البيان
اللطيفة السادسة : قوله تعالى
(أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ )
      ليس المقصود بذلك أن يضعن جميع ثيابهن وإنما المراد بعضها كالجلباب والرداء وهي الثياب الظاهرة التي لا يفضي وضعها لكشف العورة

وانظري كيف عبر في حق أهل النار بالثياب وفي أهل الجنة باللباس في قوله تعالى

( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ )  الحج : 19-20-21-22-23

فالثياب للإحاطة للتعذيب لا لستر العورة فهي تحيط بهم وتلفهم كما يلف اللحاف
 بخلاف لباس أهل الجنة
فالمراد به أن ما يلابسهم ويلاصق أجسامهم ناعم فهو حرير

وانظر قوله تعالى 
 (وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ) نوح : 7  

فهم لم يستغشوا ملابس ستر العورة 
وكذلك 
 ( أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) هود :5

يتدثرون ويتغطون بها وهم لا يتغطون بساتر العورة

********************

وكذلك القرآن فرق بين لباس أهل الجنة وثيابهم
·فلباسهم الذي يستر العورة من حرير 
 ولباسهم فيها حرير )  )
 ولا شك أن الملابس الحريرية الناعمة هي أحرى أن تكون ملامسة للجسم
 مما يعطي راحة وتنعما للإنسان خاصة إذا كان هذا الحرير هو حريرالجنة الذي بلا شك لا يقارن مع حرير الدنيا

وأما ثيابهم  فهي ما يلبس فوق الحرير للزينة فهي من سندس وإستبرق وهما أعلى من الحرير

فالسندس 
 فهو الديباج الرقيق اللطيف
 والديباج : نوع من الحرير المنسوج يتلون ألوانا
 والإستبرق : ثخين الديباج يوجد له من حسنه بريق كأنه من شدة لمعانه يطلب إيجاده حتى كأنه نور مجرد فهو يبرق ويلمع من البريق على وزن استفعل مثل استعصم على الأصح

أن ساتر العورة لأهل الجنة يستعمل له اللباس من حرير
 والثياب ما يلبس للزينة ويستعمل معها الثياب والسندس والإستبرق .

---------------------------------------

فتذكري يــ أخيتي  
هذه المشاهد المرعبة واعملي لنفسك
أن تنجي من عذاب الله فإن عذاب الله شديد
وإن انتقامه عزيز ولا حول ولا قوة إلا الله

فكل خير في اتباع من سلف     وكل شر في ابتداع من خلف

فاســـلك طريق المتقين     وظن خير بالكريم
واذكـــــر وقوفك خائفاً       والنــاس في أمر عظيم 

وَاللهِ مَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا أَلَـذُّ     مِنْ اشْتِيَاقِ الْعَبْدِ لِلرَّحْمَنِ
وَكَذَاكَ رُؤْيَةُ وَجْهِهِ سُبْحَانَهُ   هِيَ أَكْمَلُ اللَّذَاتِ لِلإِنْسَان

اللَّهُمَّ انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا ووفقنا للعمل بما فهمتنا
 اللَّهُمَّ إن كنا مقصرين في حفظ حقك والوفاء بعهدك فأَنْتَ تعلم صدقنا
اللَّهُمَّ أَنْتَ أعلم بنا منا فبكمال جودك تجاوز عنا
 وَاْغِفرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ

اللَّهُمَّ اجعلنا لكتابك من التالين ولك به من العاملين وبما صرفت فيه من الآيات منتفعين وإلى لذيذ خطابه مستمعين
 ولأوامره ونواهيه خاضعين وبالأعمال مخلصين
 وَاْغِفرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ


 وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق