الأحد، 26 يوليو 2015

مهارات التعامل مع الفئات الخاصة (الأرحام - المرضى ) المحور 3و4







إعداد وتنفيذ : مها الراشد    
يومي الأحد والإثنين
24-25/ 10 / 1436 هـ

الوقت :   8 : 9م    المكان :  الواتساب   

الجزء الثاني







المحور الثالث : الأرحام
الحمد لله خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراًأحمده سبحانه واشكره
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أحاط بكل شيء خبراً
 وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبده ورسوله أعلى الناس منزلة وأعظمهم قدراً صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين 
لقد أمر الله بصلة الأرحام والبر والإحسان إليهم ونهى وحذر عن قطيعتهم والإساءة إليهم وعدَّ صلى الله عليه وسلم قطيعة الأرحام مانعاً من دخول الجنة مع أول الداخلين ومُصْلٍ للمسيئين لأرحامهم بنار الجحيم.

على الرغم من وصية الله ورسوله بالأقارب وعدِّ الإسلام صلة الرحم من الحقوق العشرة التي أمر الله بها أن توصل في قوله تعالى:
  ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا  وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِيالْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ )  سورة النساء ايه 36

إلا أن جلّ المسلمين أضاعوا هذا الحق مثل إضاعتهم لغيره من الحقوق، أو أشد، مما جعل الحقد، والبغضاء، والشحناء، تحل محل الإلفة، والمحبة، والرحمة، بين أقرب الأقربين وبين الإخوة في الدين على حد سواء.
فعلى المسلمين أن يحاسبوا أنفسهم، ويرعوا وصية ربهم ورسولهم، ويقوموا بواجباتهم، لينالوا حقوقهم، فكما تدين تدان، فالإسلام دين الحق والعدل، ولهذا فإنه يقوم على مبدأ الحقوق والواجبات مع أمره بالعفو عن الزلات والهفوات، ومقابلة السيئات بالحسنات

 تعريف صلة الرحم.
الصلة: الوصل  وهو ضد القطع ويكون الوصل بالمعاملة نحو السلام وطلاقة الوجه والبشاشة والزيارة وبالمال ونحوها.

الرحم: اسم شامل لكافة الأقارب من غير تفريق بين المحارم وغيرهم وقد ذهب بعض أهل العلم إلى قصر الرحم على المحارم بل ومنهم من قصرها على الوارثين منهم وهذا هو مذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد رحمهما الله والراجح الأول.

معنى صلة الرحم.

صلة الرحم تعني الإحسان إلى الأقربين وإيصال ما أمكن من الخير إليهم ودفع ما أمكن من الشر عنهم.
وقطيعة الرحم تعني عدم الإحسان إلى الأقارب وقيل بل هي الإساءة إليهم
وفيه فرق بين المعنيين
فالمعنى الأول يرى أنه يلزم من نفي الصلة ثبوت القطيعة
والمعنى الثاني يرى أن هناك ثلاث درجات
1- واصل وهو من يحسن إلى الأقارب.
2- قاطع وهو من يسيء إليهم

3- لا واصل ولا قاطع وهو من لا يحسن ولا يسيء  وربما يسمى المكافئ وهو الذي لا يحسن إلى أقاربه إلا إذا أحسنوا إليه ولكنه لا يصل إلى درجة الإساءة إليهم

كيفية الصلة:
الأولى : متى تكون الصلة      الثانية : بم تكون الصلة

أما الأولى : متى تكون الصلة:
فأقول : يختلف الأرحام بحسب قربهم وبعدهم من الشخص البعد النَسَبي والبعد المكاني.

فالرحم القريب نسباً كالوالد والأخ يختلف عن الرحم البعيد كابن العم أو ابن الخال
كذلك الذي يسكن بحيك يختلف عن آخر يسكن في حي آخر والذي يسكن في مدينتك يختلف عن الذي يسكن خارجها وهكذا.

وعلى كل حال نقول إن الرحم القريب أولى بالصلة من البعيد
 وليس هناك تحديد للزمن الذي يجب فيه الوصل فلا نستطيع أن نقول يجب عليك أن تصل أخاك كل يوم أو كل يومين أو كل أسبوع وعمك  كذا إن كان في بلدك وكذا إن كان في غير بلدك.

أقول ليس هناك زمن يمكن تحديده وإنما يرجع في ذلك إلى العرف بحيث يتعارف الناس على أن هذا الرحم يوصل في كذا وكذا وهذا إن كان قريب المسكن فيوصل عند كذا وكذا.

ولكن رتب أرحامك على حسب القرب منك وعليه فرتب صلتهم على هذا الأساس.

وأما الثانية : بم تكون الصلة :
تختلف الصلة بحسب حاجة الموصول وحسب قدرة الواصل
 فإذا كان الموصول محتاجاً لشيء ما وأنت تقدر عليه فإنك تصله بهذا الشيء
 كما تختلف الصلة بحسب قرب الرحم منك وبعده عنك فما تصل به الخال قد يختلف عما تصل به أبناء عمك.

فوائد صلة الرحم :
1- صلة الرحم سبب لصلة الله للواصل
2- صلة الرحم سبب لدخول الجنة
3- صلة الرحم من أحب الأعمال إلى الله
4- صلة الرحم سبب لزيادة العمر وبسط الرزق
5- صلة الرحم تثمر الأموال وتعمر الديار
6- صلة الرحم سبب لمحبة الأهل للواصل
7- صلة الرحم تنفيذ لوصية النبي صلى الله عليه وسلم
في حديث أبي ذر أنه قال ( أوصاني خليلي أن لا تأخذني في الله لومة لائم وأوصاني بصلة الرحم وإن أدبرت) مجمع الزوائد 8/154 وقال رواه الطبراني في الصغير والكبير ورجاله رجال الصحيح غير سلام بن المنذر وهو ثقة.

8- صلة الرحم تدل على الأيمان بالله واليوم الآخر
عن أبي هريرة قال قال صلى الله عليه وسلم : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه) رواه البخاري 6138

9- صلة الرحم امتثال لأمر الله
 قال تعالى : ( والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب) الرعد 21

10- الرحم تشهد للواصل بالوصل يوم القيامة
عن ابن عباس قال: قال صلى الله عليه وسلم : ( وكل رحم آتية يوم القيامة أمام صاحبها تشهد له بصلة إن كان وصلها وعليه بقطيعة إن كان قطعها)
رواه البخاري في الأدب المفرد والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين.

11-  صلة الرحم أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة
 عن عقبة بن عامر أنه قال لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدرته فأخذت بيده وبدرني فأخذ بيدي فقال :
( يا عقبة ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك, ألا ومن أراد أن يمد له في عمره ويبسط في رزقه فليصل ذا رحمه ) الحاكم في المستدرك 4/161 وسكت عنه الذهبي وذكره المنذري في الترغيب والترهيب 3/342.

12- أن قاطع الرحم لا يدخل الجنة
عن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يدخل الجنة قاطع) متفق عليه



أسباب عدم صلة الرحم :
1- الجهل بفضل صلة الرحم وعاقبة قطيعتها
2-  ضعف الدين وبالتالي يزهد بالثواب على صلة الرحم ولا يأبه للعقاب على قطيعتها
3- الكِبر بأن يكون غنياً أو آتاه الله منصباً رفيعاً أو جاهاً عريضاً فيستنكف أن يبادر هو بصلة رحمه
4- التقليد للوالدين: إذ ربما لم ير من أبيه أنه يصل أقاربه فيصعب على الابن وصل قرابة أبيه, وكذلك بالنسبة للأم
5- الانقطاع الطويل فعندما ينقطع عن أرحامه وقتاً طويلاً يستصعب أن يصلهم ويسوف حتى تتولد الوحشة بينهم ويألف القطيعة

6- العتاب الشديد فبعض الأرحام عندما تزوره يبدأ بمعاتبتك لماذا لم تزرني لماذا ولماذا حتى يضيق الزائر بذلك ويحسب للزيارة الأخرى ألف حساب
7- الشح والبخل: فقد يكون غنياً ولأنه يخاف أن يطلب أرحامه منه شيئاً يتهرب عنهم.
8- التكلف عند الزيارة: وهذا يضيق به المتكلف والمتكلف له
9- قلة الاهتمام بالزائر: وهذا عكس السابق والخير في الوسط
10- رغبته عدم إطلاع أرحامه على حاله: فبعض الأغنياء يخرج زكاته إلى الأباعد ويترك الأرحام ويقول إذا أعطيت الأرحام عرفوا مقدار ما عندي

11- الانشغال بالدنيا مما يجعل الإنسان لا يجد وقتاً للوصل
12- الخجل المذموم: فتراه لا يذهب إلى رحمه خجلاً منه ويترك التزاور والصلة بزعمه إلى أن تحين مناسبة
13- الاستغراب والتعجب الذي يجده الزائر من المزور, فبعض الأرحام عندما تزوره دون أن يكون هناك مناسبة للزيارة كعيد أو وليمة تجده وأنت تسلم عليه مستغرباً متعجباً من زيارتك ينتظر منك إبداء السبب لزيارته
 وربما فسر زيارتك له بأن وراءها ما وراءها وهذا يولد شعوراً عكسياً عند الزائر
14- بعد المسافة بين الأرحام مما يولد التكاسل عند الزيارة
15- قلة تحمل الأقارب وعدم الصبر عليهم, فأدنى كلمة وأقل هفوة تسبب التقاطع
16- نسيان الأقارب في دعوتهم عند المناسبات مما يجعل هذا المنسي يفسر هذا النسيان بأنه احتقار لشخصه فيقوده هذا إلى قطع رحمه

ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية بشأن صلة الرحم وقطعها.
( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) سورة البقرة اية 177


(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) سورة النحل - الآية 90


( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا ) سورة النساء ايه 1

ووردت أحاديث كثيرة فيها الأمر بصلة الرحم وبيان ثواب الواصل والنهي عن قطيعة الرحم وبيان عقاب القاطع منها ما يلي:
عن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه –
أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أخبرني بعمل يدخلني الجنة
 فقال: النبي صلى الله عليه وسلم
( تعبد الله ولا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة،وتصل الرحم )

عن أنس - رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله ( إن الرحم شُجْنةُ متمِسكة بالعرش تكلم بلسان ذُلَق اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني
 فيقول ـ تبارك وتعالى ـ : أنا الرحمن الرحيم و إني شققت للرحم من اسمي فمن وصلها وصلته ومن نكثها نكثه )  الفتح والأدب المفرد
  الشجنة هي غصن الشجر والمقصود هنا:  قرابة مشتركة كاشتباك العروق.

عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
)  من سره أن يمد له في عمره ويوسع له في رزقه ويدفع عنه ميتة السوء فليتق الله وليصل رحمه)   رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل في (زوائد المسند) وصححه أحمد شاكر وذكر الهيثمي أن رجاله ثقات.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ) . روى البخاري (2067) ومسلم (2557)
البسط في الرزق كثرته ونماؤه وسعته وبركته وزيادته زيادة حقيقية .

الأمور المعينة على الصلة :
1- معرفة ما أعده الله للواصلين من ثواب وما توعد به القاطعين من عقاب.
2- مقابلة الإساءة منهم بالعفو والإحسان
3- قبول اعتذارهم عن الخطأ الذي وقعوا فيه إذا اعتذروا.
4-  التواضع ولين الجانب.
5- التغاضي والتغافل: فلا يتوقف عند كل زلة أو عند كل موقف ويبحث لهم عن المعاذير, ويحسن الظن فيهم.
6-  بذل ما استطاع من الخدمة بالنفس أو الجاه أو المال.
7-  ترك المنة عليهم والبعد عن مطالبتهم بالمثل.
8- الرضا بالقليل من الأقارب, ولا يعود نفسه على استيفاء حقه كاملاً.
9-  فهم نفسياتهم وإنزالهم منازلهم.
10-  ترك التكلف بين الأقارب.
11- عدم الإكثار من المعاتبة.
12- تحمل عتاب الأقارب إذا عاتبوا واحملها على أنها من شدة حبهم لك.
13-  عدم نسيان الأقارب في المناسبات والولائم.
14- الاجتماعات الدورية.
15- اصطحاب أولادك معك لزيارة الأقارب لتعويدهم على الصلة ولتعريفهم بأقاربهم.
16- حفظ الأنساب والتعرف على الأقارب
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ) رواه الترمذي وحسنه وصححه الألباني في صحيح الجامع 1/570

أهل المحبـــــــــــة والمودة غابوا   هذا الزمان تفـــــــرق الأحبــــاب
حبــــل الوداد تقطعت أوصــــاله     بين الأقـــــارب ما هو الأنســـاب

غاب التراحم والتـــلاحم بينهــــم   والحب والإخــــلاص والأنســاب
للمال والأطيـــان هم يتنــــازعوا    ولكل أصحـــاب الفروض نصاب

يامن نزعـــت الحق من أصحابه    إن الجزاء مـــــــــــذلة وعــــذاب
يا قاطع الأرحـــام فى كل الدنــــا      ستجده فى كــأس الحياة شــــراب

دين القطيعــــــة مضمون الوفـــا    ويريكــه الأولاد والأصحـــــــاب
لا تتركوا الأحقــــاد تملأ صدرنا     فيشيب منهــــا القلب وهو شبــاب

لا تجعلوا الشيطان يمسح عقلنـــا    والنور يصبح فى العيون ضبــاب
لا تقطع الأرحــــام واطرق بابها     للصلح دومـــــــا تفتـــــح الأبواب

صلة الرحـم هى بركة فى عمرنا   وصفا الأحبـــــة نظرة وعتـــــاب
فالله يكرم من يواصـــــل أهلـــــه  ورضا الإلـــــــه لـــه يكون ثواب

والنصح واجب يالعقول اللبيبة    قبل الصحف تطوى وتجف الأقلام
هذي أبياتي وبالختام اكتفي به    على النبي صلوا عدد كل من صام
نبينا اللي بالهدي نهتدي به      اللي محفوظة سيرته عبر الأيام






المحور الرابع  : المرضى
تتوالى على الانسان أحوال من الضعف و القوة و الصحة و المرض و هي من جملة الابتلاء الذي يختبر الله تعالى به عباده
 فإذا مرض العبد فصبر و احتسب الأجر عند الله كان مرضه هذا نافعاً له باكتساب الأجر و الثواب
و إن ضاق به صدراً و تبرّم به نفساً و اعترض عليه كان حظه الخسران و العذاب.

لذا كان على المريض أن يكون يقظاً من هذه الجهة بأنه المقصود بهذا الابتلاء فعليه أن يرضى بما كتب الله عليه و لا يتذمر و لا يضيق صدره بل يصبر و يحتسب و يبذل جهده في طلب الدواء.

و كل ما يسمى مرضاً يكتب به أجر للمسلم  سواء كان مرضاً عضوياً أم عارضاً نفسياً أو داءً عضالاً أو وعكة عابرة.

قال تعالى : (واذا مرضت فهو يشفين) سورة الشعراء الاية 80

تأمل قول رسول الله صلى الله عليه و سلم:
" 
ما يصيب المسلم من نصب و لا وصب و لا هم و لا حزن و لا أذى و لا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاباه."
 ( 5641، 5642 فتح الباري 103/10 )
لذلك يحتاج المريض إلى مَنْ يُرَوِّحُ ويُخَففُ عنه ليتحمل وطأة المرض ويمكن أن يتحقق ذلك بطرق كثيرة
أهمها زيارة أصدقائه وأحبابه له يتسامرون معه ويطمئنونه عن حالته  وأنها شدة زائلة بإذن الله تعالى
وفي عيادة المريض هذه تكون المنفعة شاملة للمريض والمجتمع في آن واحد
 حيث تقوى الأواصر الاجتماعية وتلتقي النفوس في إطار من المحبة والرحمة
 لأن الزائر سيجني من عيادته الموعظة الحسنة والأجر الكبير 
وقد ورد في صحيح مسلم عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
“ إنَّ المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خُرْفـَةِ الجنة حتى يرجع “
وفي الرواية الأخرى قيل يا رسول الله وما خُرْفَـةُ الجنة ؟ قال جناها .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل يقول يوم القيامة  ياابن آدم مرضت فلم تعدني  قال  يارب كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟ 
قال  أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده  "

وقال البراء
 أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع الجنائز وعيادة المريض "

وعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
 "ما مِنْ مسلم يعود مسلماً غدوةً إلا صلى عليه سبعون ألف مَلَك حتى يمسي وإن عاده عشية إلا صلى عليه سبعون ألف مَلَك حتى يصبح ، وكان له خريف في الجنة"

فزيارة المريض سنة نبوية
تؤلف القلوب  وتخفف المرض  وترص بنيان المجتمع .
 وقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنها من حق المسلم على المسلم حيث قال :
حق المسلم على المسلم ست إذا لقـيـته فسَلِّمْ عليه ، وإذا دعاك فأجبه ، وإذا استنصحك فانصح له ، وإذا عطس فحمد الله فشَمِّـتْـه ، وإذا مرض فـعُدْه ، وإذا مات فاتبعه 

الحث على زيارة المريض:

لقد بلغ من عناية الإسلام بالمريض أن جعل عيادته حقًّا من حقوقه على إخوانه المسلمين، ففي الحديث:
 "خمس تجب للمسلم على أخيه: رد السلام وتشميت العاطس وإجابة الدعوة وعيادة المريض واتباع الجنائز"

وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين بعيادة المرضى:
"أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكوا العاني (الأسير)"
 وعن البراء رضي الله عنه قال:
"أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع: أمرنا بعيادة المريض..." الحديث.
آداب زيارة المريض :
1 - من الواجبات الاجتماعية التي رغب الاسلام بها و حبب فيها و حث عليها ، عيادة المريض و هي تعني زيارة المريض مرة بعد مرة.

2 - قد تساءل الفقهاء هل هي من الواجبات أو من المندوبات؟
 فيرى البعض أنها من واجبات الكفاية  إن قام بها البعض سقط الاثم عن جميع المسلمين و إن لم يقم بها أحد أثموا جميعاً.
و يرى آخرون أنها مندوب اليها مرغوب فيها لكنها تتأكد في حق الصالحين حيث تُرجى بركة دعواتهم للمريض.

3 - معظم المرضى يكون أملهم بالشفاء قوياً أول مرضهم  ملؤهم الثقة أن ما أصابهم إنما هو عارض سيزول سريعاً.
وقد يطول الشفاء أو يعزّ  و يلحظ المريض انه لا يجدي الدواء.
عند ذلك تتسلل الهواجس الى نفسه فتأتي الهموم و الأحزان حتى يضعف أمل المريض بالشفاء و يوقن بقرب الوداع  و هو مع ذلك معتزل عمله معتكف في بيته او في المستشفى يعاني آلام المرض و آلام الوحدة.

4 - يحتاج المريض الى لمسة حانية، أو بسمة مشجعة، تعيد له الأمل و تقوي فيه الرجاء فتخفف عنه بعض ما يجد و هنا يحث الاسلام المسلم على زيارة أخيه المريض مرة بعد مرة الى ان يشفى من مرضه، بإذن الله.

5 -  كم يُسرّ المريض إذا أعجزه المرض و أقعده عن قضاء حوائجه و حوائج بيته أن يجد له إخواناً يسارعون إلى مساعدته و يقدمون له كل عون و يبذلون له كل مساعدة.
و لما كانت حالة المريض تستوجب له الراحة التامة بعيداً عن كل ضيق أو أذى أو منغّص فقد جعل الإسلام لعوّاد المريض آداباً يلتزمون بها حتى تؤدي زيارتهم للمرضى أهدافها المرجوة

آداب الزائر:
1 -  إن زيارة المريض، فوق كونها من الواجبات الاجتماعية  هي عبادة يتقرّب بها المؤمن من ربّه عز و جل.
عن ثوبان رضي الله عنه:" إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع." مسلم بالنووي ص 125/16، 890 الترمذي بالجنائز
و الخرفة هي الثمرة إذا نضجت.
شبه النبي صلى الله عليه و سلم ما يحوزه عائد المريض من الأجر و الثواب من حيث لذّته و سرعته ما يحوزه الذي يقطف الثمر.

و أخرج البخاري رضي الله عنه أيضاً:
" من عاد مريضاً خاضَ في الرحمة حتى إذا قعد استقرّ فيها"
( 522 الأدب المفرد ص 183) يدل الحديث الشريف أن عائد المريض يُكتب له ثواب مشيه إلى المريض و أن سعيه اليه سببُ لنزول الرحمة عليه  فإذا جلس غمرته و استقر بها.

2 -   تحرّي أوقات الزيارة:
يحلو للبعض أن يثقوموا بزيارة المرضى في الأوقات التي تناسبهم هم و لا يراعون ظروف المريض و يقولون إن المريض جالس لا يعمل فنحن نزوره حسب ظروفنا و يغفلون عن حقيقة ان المريض تعتريه حالات لا يقدر على لقاء الناس و لا يحب ان يروه على ما هو عليه فلذا كان من حقه على عوّاده أن يلتمسوا زيارته في الأوقات التي يكون مستعدّا لها.
و للمستشفيات نظام خاص في زيارة المرضى ينبغي على الناس ان يراعوه لأنه وُضع لرعاية المرضى.
و قد يكون المريض في حالة إغماء أو يُعزل في المستشفى بسبب خطورة حالته  فلا يتمكن زواره من رؤيته فهنا لا تسقط الزيارة لأنه لا زال لها نفع بالدعاء له و مقابلة أهله و تطييب خاطرهم.
و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعود المغمى عليه.

3 -  أن يجلس عند المريض و في مقابلته  و يحدثه بما يسرّ نفسه و يقوي أمله بالشفاء  و يرغّبه في الصبرو يذكّره بثواب الصابرين.
أخرج ابن ماجة و الترمذي عن أبي سعيد و رفعه:
 " إذا دخلتم على المريض فنفّسوا له في الأجل  فإن ذلك لا يرُدّ شيئاً وهو يطيّب بنفس المريض." 1438 سنن ابن ماجة ص 462/1

4 -  أن يدعو للمريض
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أتى مريضاً أو أُتيَ به اليه قال عليه الصلاة و السلام:
" أذهبِ البأس رب الناس اشفِ أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك  شفاءً لا يُغادر سقماً." صحيح البخاري ، 131 / 10 
لا يغادر: أي لا يترك. فقد يحصل الشفاء من ذلك المرض فيخلفه مرض آخر يتولد منه فيدعو له بالشفاء المطلق و يضع يده على جسد المريض و يقول له:
 " لا بأس طهور إن شاء الله و يدعو له".

5 -   أن يطلب من المريض الدعاء
قال صلى الله عليه و سلم، "إذا دخلت على مريض فمره أن يدعو لك فإن دعاءه كدعاء الملائكة." سنن ابن ماجة ص 463/1

6 -   مراعاة حاله و عدم الاطالة في الزيارة الا اذا علم أن المريض يأنس به لأنه غالباً تسبب الاطالة في الزيارة الأذى للمريض و الحرج لأهله

7 -   أن لا يكون عدد الزائرين في الجلسة مما يزعج المريض.
فإذا دخل عليه جماعات عديدة  قد يتسبب هذا أذى للمريض بكثرة كلمهم او ارتفاع اصواتهم   او لانصراف اهله عنه انشغالاً بضيافة زوّاره  فتكون هذه الوفود سبباً للأذى له و بعض المستشفيات تحدد شخصين لكل مريض توفيراً للراحة

8 -   تجنب اصطحاب الاطفال اذا كانوا يحدثون أذى للمريض.
يتصف الاطفال عموماً بالصخب و الضجيج و هما من أسباب الاذى للمريض لذا ينبغي عدم اصطحابهم حرصاً على راحة المريض.

9 -   قضاء حوائج المريض
قد يقعد المرض المريض عن القيام بتصريف شؤونه أو قضاء حوائجه لذا كان من تمام الزيارة أن يتفقد الزائر أحوال المريض و يسعى في قضاء مصالحه فإن ذلك من المعروف.

10 -   عيادة غير المسلم جائزة
عيادة غير المسلم جائزة لا سيما ان كان له حرمة و جوار او قرابة فإن كان جاراً قريباً او صاحباً له و عادة كان له قربة عند الله تعالى.
عن انس رضي الله عنه أن غلاماً ليهود كان يخدم النبي صلى الله عليه و سلم مرض فأتاه النبي صلى الله عليه و سلم يعوده فقال : أسلم فأسلم.  5657 فتح البارب 119/10

و تُسنّ عيادة الصبيان  و يجوز للرجال عيادة النساء و للنساء عيادة الرجال طالما ان شروط الزيارة معتبرة
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
لما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة: وُعكَ أبو بكر و بلال رضي الله عنهما قالت: فدخلت عليهما قلت:" يا أبتِ كيف تجدُك؟ و يا بلال كيف تجدُك؟ "  5654 البخاري فتح الباري 117 / 10
و تُسنّ عيادة الصبيان  و يجوز للرجال عيادة النساء و للنساء عيادة الرجال طالما ان شروط الزيارة معتبرة
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
لما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة: وُعكَ أبو بكر و بلال رضي الله عنهما قالت: فدخلت عليهما قلت:" يا أبتِ كيف تجدُك؟ و يا بلال كيف تجدُك؟ "  5654 البخاري فتح الباري 117 / 10
وكان كثير من السلف يشترط على أصحابه في السفر أن يخدمهم اغتناما لأجر ذلك
 منهم عامر بن عبد قيس وعمرو بن عتبة بن فرقد مع اجتهادهما في العبادة في أنفسهما وكذلك كان إبراهيم بن أدهم يشترط على أصحابه في السفر الخدمة والأذان
 وكان رجل من الصالحين يصحب إخوانه في سفر الجهاد وغيره فيشترط عليهم أن يخدمهم فكان إذا رأى رجلا يريد أن يغسل ثوبه قال له : هذا مِن شَرطي فيغسله
وإذا رأى مَن يريد أن يغسل رأسه قال : هذا مِن شرطي فيغسله ، فلما مات نظروا في يده فإذا فيها مكتوب : " مِن أهل الجنة " فنظروا إليها فإذا هي كتابة بين الجلد واللحم "
قال الشاعر
يا صاحب الهمّ إنّ الهمّ منقطعٌ * * * أبشر بذاك فإنّ الكافي اللّه
اليأس يقطع أحياناً بصاحبه * * * لا تيأسنّ كأن قد فرّج اللّه
إذا بليت فثق باللّه وأرض به * * * إنّ الذي يكشف البلوى هو اللّه
الحمد للّه شكراً لا شريك له * * * ما أسرع الخير جدّاً إن يشا اللّه

ما يقال عند المريض ويرقى به:

يستحب لمن عاد مريضا أن يرقيه ويدعو له بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم
ومن ذلك ما يلي:

1- عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أتى مريضًا أو أُتي به إليه قال عليه الصلاة والسلام:
"أذْهِب الباس رب الناس اشفِ وأنتَ الشافي لا شفاءَ إلا شفاؤك شفاءً لا يُغادر سقما".

2- عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأُ على نفسه بالمعوِّذاتِ وينفُثُ فلما اشتدَّ وجعُهُ كنتُ أقرأُ عليه وأمسحُ عنه بيده رجاءَ بركتها".

3-  عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسانُ الشيءَ منه أو كانت به قرحةٌ أو جرحٌ
 قال النبي صلى الله عليه وسلم بإصبعِهِ هكذا – ووضع سُفيانُ سبَّابَتهُ بالأرض ثم رفعها – "باسم الله تربةُ أرضنا بريقةِ بعضنا ليُشفى به سقيمُنا بإذن ربنا".

4-  عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"ما من عبدٍ مسلم يعودُ مريضًا لم يحضر أجلُهُ فيقول سبع مرات:
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عُوفي". 

5- عن ابن عمرو رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"إذا جاء الرجلُ يعودُ مريضًا فليقل: الهم اشف عبدك ينْكَأ لك عدُوًا أو يمشي لك إلى جنازة". قال أبو داود: وقال ابن السَّرْحِ: إلى صلاة". 

وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم عاد بعض أصحابه حين مرضوا
وثبت أنه عاد غلامًا يهوديًا ودعاه إلى الإسلام فأسلم.

وينبغي أن يتعلم المسلمون هذا الخلق حتى الكبراء منهم فإنه لا يعيبهم أن يعودوا آحاد الرعية
وكان السلف رضي الله عنهم يهتمون بعيادة المريض
فكانوا إذا فقدوا الرجل سألوا عنه فإن كان مريضًا عادوه

وانظر إلى الإمام الشافعي – رحمه الله – يبين أثر عيادة المريض على كل من الزائر والمزور
مرض الحبيب فعُدْته        فمرضت من حذري عليه
فأتى الحبيب يعودني         فشُفيت من نظري إليـه

ماذا استفيد من زيارة المريض
تكفل الله لمن عاد مريضا بالأجر العظيم والثواب الجزيل

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾  سورة الزمر الآية: 53

 ومن الأدلة على ذلك:
2-  عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من عاد مريضًا لم يزل في خُرفة الجنة"
 قيل: يا رسول الله: وما خرفة الجنة؟ قال: جناها".

2-  عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من أصبح اليوم منكم صائمًا، قال أبو بكر: أنا
 قال: من عاد منكم اليوم مريضًا؟ قال أبو بكر: أنا
قال: من شهد منكم اليوم جنازةً؟ قال أبو بكر: أنا
قال: من أطعم منكم اليوم مسكينًا؟ قال أبو بكر: أنا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعن في رجل إلا دخل الجنة".

3-  عن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
 "ما من مسلم يعودُ مسلمًا غُدوة إلا صلَّى عليه سبعون ألف ملك حتى يُمسي
 وإن عاده عشيةً إلا صلَّى عليه سبعُون ألف ملك حتى يُصبح وكان له خريفٌ في الجنة".

4- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
 "من عاد مريضًا نادى منادٍ من السماء: طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلاً".

5-  عن هارون بن أبي داود قال:
أتيت أنس بن مالكٍ فقلت: يا أبا حمزة إن المكان بعيد ونحن يعجبنا أن نعودك فرفع رأسه فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
 "أيما رجل يعودُ مريضًا فإنما يخوض في الرحمة فإذا قعد عند المريض غمرته الرحمة". قال: فقلت: يا رسول الله، هذا للصحيح الذي يعود المريض فالمريض ما لَهُ ؟  
قال: " تُحَطُّ عنه ذنوبه "

إذا كانت النفوس قد جُبلت على حبّ من أحسن إليها وأظهر اهتمامه بها
 فإنّ هذه المحبّة تتعاظم في أحوال الضعف البشري حين يلزم المرء الفراش وتصيبه العلل  وتنهكه الأدواء عندها يكون للزيارة أثرٌ بالغٌ ومدلولٌ عميقٌ على مدى التعاطف والمواساة التي يقدّمها الزائر لمريضه  مما يسهم في تقوية الروابط بينهما .



لهذا السبب حرص النبي – صلى الله عليه وسلم – على زيارة المرضى وتفقّد أحوالهم
بل جعل ذلك من حقوق المسلمين المكفولة في الشرع
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
 ( حق المسلم على المسلم خمس - وذكر منها - عيادة المريض ) رواه البخاري .

وقد عمل النبي – صلى الله عليه وسلم – على ترسيخ هذا المبدأ في نفوس أصحابه من خلال ذكر الفضائل العظيمة التي يجنيها المسلم إذا زار أخاه
 فمن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - :
( من أتى أخاه المسلم عائدا ، مشى في خرافة الجنة – أي طرق الجنة - حتى يجلس  فإذا جلس غمرته الرحمة فإن كان غدوةً صلّى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي  وإن كان مساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح ) رواه ابن ماجة
 وقوله : ( من عاد مريضا أو زار أخا له في الله  ناداه مناد : أن طبت وطاب ممشاك  وتبوأت من الجنة منزلاً ) رواه الترمذي
 وقوله: ( ما من عبد مسلم يعود مريضا لم يحضر أجله ، فيقول سبع مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ، إلا عوفي ) رواه الترمذي .

ومن السنن القولية التي كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يخفّف بها عن المرضى  تذكيرهم بالأجر الذي يلقاه العبد المبتلى  للتخفيف من معاناتهم  وتربّيتهم على الصبر واحتساب الأجر
 ومن جملة هذه السنن قوله – صلى الله عليه وسلم – :
( ما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه من خطيئة ) رواه ابن ماجة
 وقوله : ( ما من عبد يبتليه الله عز وجل ببلاء في جسده  إلا قال الله عز وجل للملك :
" اكتب له صالح عمله الذي كان يعمله " فإن شفاه الله غسله وطهّره  وإن قبضه غفر له ورحمه ) رواه أحمد
وعندما قام النبي – صلى الله عليه وسلم – بزيارة أم السائب رضي الله عنها فسمعها تسبّ الحمى التي أصابتها
 فقال لها : ( لا تسّبي الحمى  فإنها تُذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد ) رواه مسلم .

ومن ذلك أيضاً إرشاده عليه الصلاة والسلام إلى التداوي بأنواع العلاجات المختلفة التي يعرفها
كالحثّ على الحجامة  ووضع الماء البارد على المحموم  والإرشاد إلى العلاج بالعسل والحبة السوداء وغير ذلك من العلاجات المباحة غير المحرّمة التي يشملها قوله – صلى الله عليه وسلم - :
( يا عباد الله تداووا  فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواءً ) رواه الترمذي .

ولم يكن عليه الصلاة والسلام يغفل جانب التذكير والنصح بما يناسب المقام
وهكذا ضرب لنا عليه الصلاة والسلام أعظم الأسوة في أهمية كسب القلوب واستغلال الأحوال المختلفة في دعوة الناس وهدايتهم
لعل مغاليق القلوب تفتح أبوابها للهدى والحق


فهنيئا لمن وفقه الله تعالى لتقديم يد العون إلى الضعيف والمريض والمحتاج
وهنيئا لمن يبذل عمره ووقته وجهده في صنائع المعروف
ونرجو أن يعامله الله بالرحمة والعفو والرضوان .



في النهاية
لا أملك إلا أن أقول أنني قد عرضت رأيي وأدليت بفكرتي في هذا المواضيع
لعلي أكون قد وفقت في كتابتها والتعبير عنها
وأخيراً ما أنا إلا بشرقد أخطئ وقد أصيب
فإن كنت قد أخطأت فأرجو مسامحتي
وإن كنت قد أصبت فهذا الذي أرجوه من الله عزوجل
حان الوقت ان نودعكم وقلوبنا تنبض بحبكم في الله 
لانقول لكم وداعاً ولكن نقول نلتقي غدا معكم بدوره جديده  باذن الله
 لنكمل ماتبقي